«شبه دولة»

أسامة عجاج
أسامة عجاج

ثلاث وقائع تكشف أن النخبة السياسية اللبنانية، مسئولة بشكل كامل، عن تحويل البلد من (الدولة النموذج) فى التعايش المجتمعى متعدد الطوائف، إلى (شبه دولة)، تشهد حالة من الترصد بينهم، وتعيش حاله غير مسبوقة من الانقسام على أساس المذهب، آخرها قضية التوقيت الصيفى، التى انتهت بتراجع رئيس الوزراء اللبنانى نجيب ميقاتى عن قراره الذى اتخذه يوم الخميس الماضى، بالاتفاق مع رئيس البرلمان نبيه برى بتأجيل العمل بالتوقيت الصيفى، إلى ما بعد انتهاء شهر رمضان، تخفيفا عن المسلمين الصائمين، القرار الذى حكمه - كما أتوقع - حسن نية واضح، تحول إلى حلبة صراع وانتقادات من أطراف سياسية مسيحية مهمة، والتي انتقدت طريقة اتخاذه، ورفضت تنفيذه، أما الواقعة الثانية، فكانت منذ أسابيع عندما خرج رئيس الوزراء نجيب ميقاتى بتصريح مفاجئ، بوجود تقرير صادر من البطريركية المارونية، يكشف عن وصول نسبة المسيحيين فى لبنان إلى أقل من ٢٠ بالمائة، وسارعت البطريركية إلى نفى وجوده، أو تكون قد أرسلته إلى أى جهة، واستغربت إثارة هذه القضية فى ذلك التوقيت، خاصة أن الدستور اللبنانى قد استقر على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين فى المناصب العليا، وأشارت إلى أن العدد أكبر من ذلك، على خلفية نسبة المشاركين منهم فى انتخابات العام الماضى، الواقعة الثالثة كانت فى أغسطس ٢٠٢٠، عندما زار الرئيس الفرنسى بيروت بعد انفجار المرفأ، حيث تم استقباله كما لو كان «مخلص لبنان»، وتوافق مع الزيارة توقيع الآلاف من اللبنانيين على وثيقة طالبوا فيها، بعودة الانتداب الفرنسى على بلدهم، والذى عاشته فى عشرينات القرن الماضى، والغريب هنا أن نسبة كبيرة منهم، أو المؤيدين دون توقيع، لم يشهدوا أو يعيشوا تلك الفترة، بحكم السن، ومع ذلك فهناك قناعة بأن فترة الانتداب لن تكون أسوأ حسب اعتقادهم، ورغم أنهم لا يشكلون نسبة كبيرة من عدد السكان، ولكنها تعبير عن حالة يأس من الحالة التى وصل إليها البلد على كافة الأصعدة. لبنان دولة فى خطر، ولعل إنقاذها، مرتبط بتنفيذ صرخة مئات الآلاف من اللبنانيين، فى احتجاجات أكتوبر ٢٠٢٠ فى وجه الطبقة السياسية، وطالبت بإزاحتهم جميعا، (كلهن يعنى كلهن) لعدم قدرتهم، على إدارة البلاد وتفشى الفساد والإرهاب، وانتشار الميليشيات.